اليوغا: ليست مجرد رياضة

انتشرت ممارسة اليوغا مؤخراً بشكلٍ ملحوظٍ في العالم أجمع، وتوسع جمهور هذه الرياضة، إلا أن المعلومات عنها ما زالت ضئيلةً، حيث يعود تاريخ هذه الرياضة إلى 5000 سنةٍ من الفلسفة الهندية العريقة التي طوّرت وضعيات اليوغا وطرق التنفس والتأمل والاسترخاء. لكن ما هي رياضة اليوغا؟ وما هي الفلسفة التي تقوم عليها؟ ما هي أنواعها وما هي مخاطرها؟ هذه مجموعةٌ من الأسئلة التي سنقوم بالإجابة عليها في هذا المقال.

ما هي اليوغا؟

اليوغا هي رياضةٌ جسديةٌ وذهنيةٌ وروحانيةٌ، تم تأسيسها بناءً على جذورها في الحضارة الهندية القديمة.

بالرغم من عدم وجود سجلٍ تاريخيٍ واضحٍ يدرس بدايات ظهور رياضة اليوغا، إلا أن ظهور كتاب يوغا سوترا “Yoga Sutra”  الذي كتبه المعلم باتانجالي Patanjali قد وضح العديد من المسائل حول اليوغا، كما شكل هذا الكتاب دليلاً حول السيطرة على المشاعر وسيادة النفس الروحية. يتوضح لنا عند دراسة اليوغا بشكلٍ أعمق أن اللياقة الجسدية ليست الهدف الأساسي، حيث تركز اليوغا في عمقها على توسيع آفاق التفكير والوصول إلى الطاقات الروحية عن طريق التركيز والتنفس العميق.

فلسفة اليوغا

يمكننا توضيح اليوغا فلسفياً من خلال تشبيهها بشجرة، بجذورها وجذعها وفروعها وأوراقها وزهورها، حيث يمثل كل فرعٍ مجموعةً من العناصر الأساسية، واليوغا تتكون من ستة فروعٍ هي:

1. هاثا يوغا “Hatha yoga”: وهو الفرع المختص بسيادة العقل والجسد.
2. راجا يوغا “Raja yoga”: يتضمن هذا الفرع التأمل والالتزام الصارم بمجموعةٍ من القواعد المسماة ” الأذرع الثمانية”.
3. كارما يوغا “Karma yoga”: وهو الفرع المختص بالتركيز على تكوين مستقبلٍ خالٍ من الطاقة السلبية والأنا.
4. بهاكتي يوغا “Bhakti yoga”: يركز هذا الفرع على التفاني وإيجاد طريقةٍ إيجابيةٍ لتوجيه المشاعر وتكوين أرضيةٍ للمساومة والتحمل.
5. جنانا يوغا “Jnana yoga”: وهو الفرع المختص بالحكمة وزيادة الإنتاج المعرفي عن طريق الدراسة العلمية.
6. تانترا يوغا “Tantra yoga”: وهو الفرع المختص بالتواصل عن طريق الطقوس والشعائر.

العلاقة بين اليوغا والشاكرات

الشاكرة في اليوغا هي المراكز الأساسية للطاقة والأفكار والمشاعر في الجسد. يقول معلمي اليوغا أن الشاكرات هي طريقة تفسير الحقائق من خلال ردود الأفعال والحاجات والتفضيلات ودرجة الثقة والخوف وكيفية انعكاس هذه المشاعر على الجسد. يتم استهداف الخلل الحاصل في الجسد والعقل والمشاعر من خلال حصر الطاقة في شاكرة، ويتجسد هذا الخلل في مجموعةٍ من الأعراض الجسدية والنفسية، مثل القلق والتعب المزمن وفقدان القدرة على التركيز.

تُعرف الأسانا على أنها مجموعةٌ من وضعيات اليوغا التي يتم استخدامها لاستكشاف الطاقات الكامنة وتهييج نقاط الضعف في الشاكرات، يوجد سبع شاكراتٍ أساسيةٍ لكلٍ منها نقاط تمركزٍ أساسيةٍ، والشاكرات هم:

1. ساهاسرارا “Sahasrara”: تمثل هذه الشاكرة حالة الوعي التام، تتمركز في أعلى الرأس، ويمثلها اللون الأبيض أو البنفسجي الفاتح، تسيطر هذه الشاكرة على المسائل المتعلقة بالمحاكمة العقلية السليمة والاستسلام الجسدي.
2. أجنا “Ajna”: وهي شاكرة العين الثالثة التي تجمع مركزي طاقة مهمين في الجسد، يمثلها اللون البنفسجي الفاتح أو الأزرق الداكن، ترتبط هذه الشاكرة بالغدة النخامية، وتتعلق بالسيطرة على النضج والتطور.
3. فيشودا “Vishuddha”: تتمركز هذه الشاكرة في العنق، وتسيطر على الكلام والاستماع والإستقلاب، يمثلها اللون الأزرق أو الأحمر.
4. آناهاتا “Anahata”: وهي شاكرة القلب، تتمثل باللون الأخضر أو الوردي، وتسيطر على مسائل مثل التعاطف والمشاعر المختلطة والحب الغير مشروط والرقة والتوازن العاطفي والنفسي.
5. مينابورا “Manipura”: وهي الشاكرة المتمركزة في المعدة، يمثلها اللون الأصفر، وهي مسؤولةٌ عن الجهاز الهضمي والقوة النفسية الفردية، حيث تسيطر على مسائل مثل الخوف والقلق وتكوين الأفكار والميل للانكفاء على النفس.
6. سفاديشثانا “Svadhishthana”: وهي الشاكرة المتمركزة أسفل الحوض، وهي مركز الجهاز الإنتاجي والجهاز البولي والتناسلي والغدة الكظرية.
7. مولادرا “Muladhara”: وهي الشاكرة الجذرية المتمركزة أسفل العمود الفقري، تسيطر هذه الشاكرة على الطعام والنوم والحاجات الجنسية وغريزة البقاء والنجاة، كما أنها مركز غريزة الخوف وتجنب المخاطر.

يصل عدد الشاكرات إلى تسع شاكرات، إلا أن هذه الشاكرات السبع هي الأكثر أهميةً من حيث سيطرتها على مراكز القوة والسيطرة على جذور المسائل الإشكالية.

اقرأي أيضًا على مجلة شيك هانم: 10 من أفضل التمارين الرياضية الأساسية للمبتدئين

أنواع اليوغا

تُركز رياضة اليوغا على النشاط الرياضي ورفع مستويات القوة والليونة والتنفس بشكلٍ صحيح، كما تساعدك على رفع مستوى صحتك النفسية والجسدية. هناك عدة أنواعٍ من اليوغا يمكنك ممارستها، وما من تفضيلٍ أو تصاعديةٍ في ترتيب هذه الأنواع، إلا أن تحديد النوع الذي ستمارسه يتعلق فقط بمستوى صحتك الجسدية والنفسية ومدى الحاجة لممارسة اليوغا، ومن هذه الأنواع:

1. أشتانغا يوغا “Ashtanga yoga”: انتشر هذا النوع بكثرةٍ في سبعينيات القرن الماضي، حيث يعتمد على الطرق التعليمية القديمة، تعتمد الأشتانغا يوغا على ست مراحل متسلسلة للوضعيات، يتم الانتقال بين هذه المراحل بسرعة، ويرتبط هذا النوع بالتنفس العميق والمنتظم.
2. بيكرام يوغا “Bikram yoga”: يتم ممارسة هذا النوع من اليوغا في غرفٍ خاصةٍ مصممةٍ للحفاظ على حرارة 105 درجة مئوية ورطوبةٍ بدرجة 40%، وهي مكونةٌ من 26 وضعية وتمريني تنفسٍ عميق.
3. هاثا يوغا “Hatha yoga”: وهو اسمٌ يضم كل أنواع اليوغا التي تشمل تعليم وضعيات اليوغا الجسدية، عادةً ما يتم استخدام جلسات الهاثا يوغا كجلساتٍ تعريفيةٍ عن وضعيات اليوغا الأساسية.
4. إينغار يوغا “Iyengar yoga”: يركز هذا النوع على أداء كل وضعيةٍ بشكلٍ صحيحٍ مع استخدام مجموعةٍ من الأدوات مثل المكعبات والسجادات والأشرطة والمقاعد والدعامات.
5. جيفاموكتي يوغا “Jivamukti yoga”: هذه التسمية تعني “الحرية في الحياة” وهي مجموعةٌ من الطرق التعليمية الروحانية التي تشمل انتقالاتٍ سريعة الإيقاع بين الوضعيات، تدعى هذه الانتقالات “فينياسا”، كما أن لكل جلسةٍ من هذا النوع سمةٌ خاصة، ولكلٍ منها كتابها وترنيماتها وتقنيات التأمل الخاصة بها، كما أنه يمكن للوضعيات الجسدية أن تكون قاسيةً بعض الشيء.
6. كريبالو يوغا “Kripalu yoga”: هذا النوع يركز على معرفة الجسد وتقبله والتعلم منه، حيث يتعلم لاعب هذا النوع أن يجد مستواه بالعودة إلى داخله. يبدأ هذا التمرين عادةً بتمارين التنفس والتمطيط، يتبع هذه التمارين مجموعة من وضعيات الاسترخاء.
7. كونداليني يوغا “Kundalini yoga”: وهو نظامٌ تأمليٌ يستهدف إطلاق الطاقات المكبوتة، يبدأ هذا النوع عادةً بالترنيم وينتهي بالغناء، بينما تُستخدم عدة تقنياتٍ خلال الجلسة لأهدافٍ مختلفةٍ.
8. يوغا القوة “Power yoga”: انطلق هذا النوع في ثمانينيات القرن الماضي، وهو نمطٌ مستلهمٌ من الأشتانغا يوغا، يقوم على أساسٍ حيوي ورياضي.
9. سيفاناندا يوغا “Sivananda”: وهو نوعٌ قائمٌ على خمس نقاطٍ أساسيةٍ، وهي التنفس السليم والاسترخاء والحمية الغذائية والتمرين والتفكير السليم، وتعتمد هذه الفلسفة على أساس أن هذه العناصر الخمسة تعمل سويةً لتشكيل حياةٍ صحيةٍ، عادةً ما يتم استخدام 12 أسانا في جلسات هذا النوع، جميعها تنتهي بتحية الشمس ووضعيات السافاسانا.
10. فيني يوغا “Viniyoga”: يمكن لأي شخصٍ ممارسة هذا النوع بالرغم من اختلاف القدرات الجسدية، وعادةً ما يكون معلمو هذا النوع على درايةٍ عميقةٍ باليوغا العلاجية وتشريح الجسد.
11. ين “Yin”: وهو نوعٌ تأمليٌ هادئٌ، يركز على تخليص الجسم من التوتر عن طريق مجموعة نقاطٍ أساسيةٍ هي: الكاحلين، والركبتين، والورك، والظهر كاملاً، والرقبة، والكتفين.
12. بريناتال يوغا “Prenatal yoga”: وهو نوعٌ من اليوغا مخصصٌ للسيدات الحوامل، حيث يساعد هذا النوع على استعادة شكل الجسد الصحي بعد الولادة ودعم الجسم صحياً أثناء الحمل.
13. اليوغا الاسترخائية “Restorative yoga”: وهو نوعٌ يساعد اللاعب على الاسترخاء وإعادة التوازن الداخلي، حيث تتم ممارسة هذا النوع من اليوغا باستخدام مجموعة معدّاتٍ مثل السجادات والدعامات، وتتألف جلسة اليوغا الاسترخائية من عددٍ قليلٍ من الوضعيات، لأن الهدف من هذا النوع هو الاسترخاء العميق دون بذل جهدٍ أثناء الحفاظ على الوضعية.

مخاطر ممارسة اليوغا

بالرغم من ندرة الإصابات الجسدية أثناء ممارسة اليوغا، إلا أن هناك بعض النقاط الأساسية التي يجب الاعتناء بها عند ممارسة هذه الرياضة، فمن الضروري لممارسي اليوغا التدريب على أيدي مختصين، حيث أن هذه الرياضة تحتاج لسنواتٍ من الدراسة والممارسة للتأكد من الحصول على نتائج إيجابية، كما أنه من الضروري استشارة الطبيب المختص في حال وجود أمراضٍ مزمنةٍ مثل ارتفاع ضغط الدم والزرق العينية وعرق النسا، بالإضافة إلى ضرورة متابعة الطبيب عند ممارسة اليوغا أثناء الحمل وفي الفترة الأولى بعد الولادة.

أما بالنسبة للمبتدئين فمن الضروري تجنب بعض الوضعيات الصعبة والمعقدة مثل وضعية الوقوف على الرأس ووضعية زهرة اللوتس والوضعيات التي تتطلب تنفساً قسرياً، كما أنه لا يمكن استبدال الحلول الدوائية للأمراض أو تأجيلها من أجل ممارسة اليوغا، فهي رياضةٌ تساعد على تجاوز الأمراض وتقوية الجسد، لكنها لا يمكن أن تحل محل العناية الصحية المناسبة للأمراض.

وبالرغم من أن هذه الرياضة تحمل تاريخاً عريقاً، إلا أنها لا تتجاوز الطب والعناية الصحية المناسبة، بل تعمل جنباً إلى جنبٍ مع الحمية المناسبة والعناية الصحية لتزودك بجسدٍ صحيٍ وقويٍ وعمرٍ مديدٍ ومفعمٍ بحيوية الشباب.
هناك عدة أنواعٍ وطرقٍ لممارسة اليوغا، ومع أنها في البداية كانت رياضةً روحيةً، إلا أنها لا تخلو من محافظتها على الصحة الجسدية والنفسية، حيث يتجاوز هذا النوع من الرياضات أهدافه الضيقة ليصبح أسلوب حياةٍ، وهذا ما يجعل اليوغا أكثر من مجرد رياضة.